انتظروا وثيقة الحزب بعد مؤتمره الغريب
ربما هو أطول مؤتمر حزبي يعقد في لبنان، ذاك الذي عقده حزب الله، واستمر خمسة اشهر، حسب بيانه الرسمي، لكنه ايضاً هو الأغرب بطريقة عقده وتواصله مما جعل الخيال يشطح لدى كثيرين ممن تبلغوا انعقاد مؤتمر الحزب طيلة هذه الفترة، بتصور طريقة اصطحاب اي زائر للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، التي تمر بإجراءات وتبديل سيارات وعصب أعين وصعود سلالم ثم مصاعد ونـزول اخرى حتى يفاجأ الزائر بالسيد نصرالله أمامه.. فكيف إذن يمكن للمؤتمر ان يعقد على دفعات وعلى مراحل وفي اماكن مختلفة حتى يتوافر وجود السيد نصرالله داخله.. حتماً حتى يوصله الى النتيجة المرسومة سلفاً.. وأهمها ابقاء القديم على قدمه.. على الأقل في موقع الأمين العام (للسيد نفسه) والقيادة الثانية منذ المؤتمر الاخير..
على ان الأهم بعد هذا الشكل المميز هو التحول الايجابي للحزب نحو المزيد من السياسة للتخفيف ولو شكلاً من العسكرة التي تفرضها واجبات المقاومة ضد العدو الصهيوني وقد حقق فيها انجازات تاريخية، وأهمها التحرير عام 2000.
والأهم بعد ذلك هو المزيد من اللبننة إذا صح التعبير، تناسقاً مع الوثيقة السياسية المنتظر اعلانها قريباً.. ربما في مؤتمر صحافي نوعي للسيد حسن نصرالله.
وثيقة الحزب الاولى عام 1985، شهدت في السياسة الداخلية وتحت رايات المقاومة ضد اسرائيل، تقديم اولوية المقاومة الاسلامية على الثورة الاسلامية، التي انطلق الحزب من رحمها عام 1982، او هو نفسه اعلنها في لبنان، والذي يعرف طبيعة نشأة الحزب، ومرجعيته الفقهية وعضوية علاقته مع مؤسسات ايرانية هي أمه ومرضعته ومربيته ومعلمته.. يدرك ان هذا التفضيل للمقاومة الاسلامية على الثورة الاسلامية اعتبر يومها نقلة نوعية في فكر وثقافة ومنهج الحزب، تماماً مثلما كان دخوله المعترك السياسي عبر الانتخابات النيابية لأول مرة عام 1992 نقلة نوعية اخرى في التحرك السياسي الميداني والشعبي لحزب كانت السرية وما زالت قدس اقداسه، حتى بدت في فترة من الفترات لاتقان ممارستها وطولها، انها الغاية وليست الوسيلة، وهو خلاصة العمل السري الايراني التاريخي المشهود له بالدقة والقسوة وسرعة الحسم مع اظهار العكس بالتهذيب والرقة لتحقيق الغاية.
وبطبيعة الحال اللبنانية، فتح العمل تحت رايات المقاومة الاسلامية بدل الثورة الاسلامية الابواب واسعة امام قبول الحزب في الوسط السياسي والشعبي والفكري والثقافي في لبنان حتى أمكن الجمع بين علمانية ضابط جيش مثل اميل لحود وبين تحرك الحزب الميداني.. مثلاً.. وغيره في لبنان.
واليوم ومن اجل تقبل الجمهور المسيحي الملتحق بميشال عون فكرة التحالف مع حزب الله، كان يجب ان تصدر وثيقة التحالف بين السيد نصرالله وعون في شباط/فبراير 2007 التي اعتبرها كثيرون تحولاً نوعياً آخر داخل فكر وحركة الحزب السياسية.. وكله من اجل لبنان او اللبننة – اي القبول به لبنانياً.
صحيح ان حزب الله جر ميشال عون الماروني الى الحضن الايراني سياسياً وميدانياً، لكن لبننة الحزب مع عون لن تكون من التاريخ وللتاريخ فقط.
لذا،
فإن وثيقة حزب الله السياسية الجديدة ستأخذ بعين الاعتبار المزيد من اللبننة خاصة وان اللبننة في نظر كثيرين لم تعد تعني ان الحزب يتنازل ويصبح لبنانياً عن فكره ومنهجه وثقافته.. بل ان اللبننة في حزب الله جاءت لتؤكد ان لبنان كله تتم أدلجته وفق ارادة ومنهج وسياسة وثقافة الحزب وعلاقاته الخارجية خاصة مع ايران.
وإذا كانت وثيقة الحزب السياسية الاولى عام 1985 حملت بصمات المراهقة الفكرية للمؤسسين الشبان في تلك الفترة وبعد ثلاثة اعوام من بدء المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، وفي خضم حرب العراق – ايران التي كانت فيها طهران تخوض معركة الوجود او العدم، وتحت عمائم الجيل الاول ممثلاً بالشيخ صبحي الطفيلي والسيد عباس الموسوي اول وثاني امين عام للحزب التـزما المدة الزمنية المتاحة في الرئاسة الاولى طوعاً والثاني قسراً بالاغتيال، فإن الوثيقة الجديدة ستحمل حتماً بصمات الامين العام السيد حسن نصرالله، وحيويته المتدفقة (قبل العزلة القسرية التي فرضتها احتياطات الامن للحماية من غدر العدو الصهيوني الباحث عنه للتخلص منه شخصياً) وتضحياته اللامتناهية، واستيعابه المذهل لمتطلبات والتـزامات المقاومة السرية ضد العدو الشرس والقادر، واثبات الوجود الحاسم والفعال سياسياً وشعبياً وسط نضوج الحركة التي جعلت الحزب صاحب الكلمة العليا والأولى في كل لبنان في كل شأن من شؤون السياسة.. على الأقل.
صدرت وثيقة العام 1985 بعد بدء الحزب مقاومته بثلاث سنوات، والوثيقة الجديدة عام 2009 ستصدر بعد مرور اقل من عشر سنوات من التحرير.
صدرت وثيقة عام 1985 وايران في معركة دفاع عن الوجود، بينما تصدر وثيقة 2009 وايران شاغلة العالم، داهمة الوجود العربي كله من العراق الى اليمن فالسعودية فلبنان ففلسطين وسوريا و....
الزلزالان
تصدر وثيقة الحزب السياسية وقد دهم الحزب امران بالغا الأهمية في رسم مسار جديد او قسري للحزب، دونهما كان المسار سيكون مختلفاً الى حد بعيد.
الأمر الأول هو الزلزال الايراني الذي تفجر اثر بدء انتفاضة الشعب الايراني ضد بعض السلطة الحاكمة في ايران (الثنائي خامنئي – نجاد) تحت أسنّة رماح الحرس الثوري الايراني وقمعه لها، بعد تـزوير نتائج الانتخابات الرئاسية يوم 12/6/2009 (راقبوا الإعلان في تشرين الثاني/نوفمبر عن مؤتمر تم عقده خلال خمسة اشهر اي بدءاً من شهر حزيران/يوليو.. اي بعد عدة ايام من انتهاء الانتخابات النيابية اللبنانية يوم 7/6/2009، وبدء الانتخابات الرئاسية الايرانية يوم 12/6/2009).
وإذا كانت نتائج الانتخابات النيابية التي فازت فيها قوى 14 آذار/مارس بالاغلبية النيابية، صدمت جمهور الحزب الموعود بالسلطة والحكم المباشر قبلها، فإن ما حصل في ايران وما زال، طرح ويطرح وسيطرح الاسئلة التي بدت اول الامر مكبوتة في النفوس، ثم سيجري تظهيرها بطرق مختلفة داخل الحزب حول اخلاقية التعامل مع الواقع الايراني الجديد، من منطلق محاسبة النفس او العقل او العاطفة: كيف سيتم التعامل مع اعلان السلطة الحاكمة في ايران وهي مرجعية الحزب في كل أمر من أمور الحياة والآخرة، ان رجلاً مثل الرئيس السابق السيد محمد خاتمي هو عدو الله ورسوله ومفسد في الارض، وهو الذي كانت قيادات حزب الله تتسابق للجلوس أمامه والتبرك بعباءته والتقاط صورة معه.
كيف لحزب الله الذي كان يجهر بولائه للرئيس السابق الشيخ هاشمي رفسنجاني، وبأنه صاحب الفضل في تأسيس الحزب، وأشعل وجوده في لبنان عام 1980 الصدور حماساً للإنخراط في صفوف الحالة الاسلامية التي أيقظتها ايران في الاوساط الشيعية المتنافرة يومها.. ان يوافق السلطات الحاكمة بمحاكمة هذا الرجل وهو صاحب الفضل في مجيء السيد علي خامنئي الى موقع المرشد وهو الذي جهر السيد نصرالله بالولاء له افتخاراً وعزّة. واسئلة اخرى لن تهدأ بل وتهدد بتفاعلات لا حدود لها مع استمرار انتفاضة الشعب الايراني التي انفجرت لتصل الى مكان ما.. وما كانت لتخبو فيه دون رسم واقع سياسي جديد في ايران.
صحيح ان توجه الحزب الرسمي والعملي هو مع الثنائي خامنئي – نجاد وتحت اوامر الحرس الثوري الايراني، لكن حزب الله لن ينسى ابداً شعارات رفعت خلال الانتفاضة وما زالت لا للبنان ولا لغزة.. بل لإيران دائماً.. فالخطر عليه لن يظل حكراً على اسرائيل بعد هذا الزلزال.
الأمر الثاني هو زلزال انهيار امبراطورية صلاح عزالدين المالية، الذي فاجأ الحزب وهو لما يفق من آثار زلزال ايران.. فشكّل الإنهيار المالي زلزالاً آخر داخل الحزب اتخذ طابع الخسارة المالية والانكشاف الاخلاقي امام الرأي العام الشيعي في الوسطين الاساسيين: المودعين صغارهم وكبارهم، والجمهور المراقب الذي لم يبخل على الحزب بالدعم المتصاعد طيلة ربع قرن وأكثر.. ثم يبدأ الانحسار الذي يحاول امينه العام ضبطه ومنع الانهيار على الاقل في السمعة والقداسة التي حفرها الجمهور للحزب وقياداته وسلوكياته بعد مقاومته وانتصاراته في صدوره وعواطفه وممارساته خلفه اياً يكن المصير والمسار.
كثيرون يقولون لو ان السيد نصر الله كان حر التحرك الميداني لعمد الى ضبط الامور قبل تفاقمها، ويقولون ايضاً لو ان هذا الزلزال كشف قبل الانتخابات النيابية لكان للسيد قرارات اخرى بشأن بعض المرشحين لمقاعدها، ويقولون ايضاً ان السيد نصر الله، كان سيكون له رأي آخر في الترتيبات الامنية والتنظيمية داخل الحزب.
ثم يقولون ان توازنات التركيبة الحزبية المتعددة الولاءات العقائدية (حزب الدعوة مثالاً) فرضت بقاء القيادة السياسية ومجلس شورى الحزب كما كان سابقاً، لكن هذه التوازنات لن تستطيع كف يد السيد عن تغييرات جذرية يفرضها في صفوف القيادات من الصف الثاني والثالث.. بسبب زلزال عز الدين.
على ان الاهم،
ان توازنات القيادة السياسية الاولى في الحزب قد تشهد اهتزازاً لغير مصلحة السيد نصر الله بسبب الوضع الناشىء في العراق واحتمال استمرار حزب الدعوة حاكماً هناك بواسطة رئيس الوزراء نوري المالكي.. وسبب التداعيات المستمرة للزلزال الايراني.. لغير مصلحة الحزب.
نعم،
هو اليوم رجل المرحلة الذي لا منازع له، وهو كرس استمراره السياسي والشخصي في القيادة من خلال اقرب الناس اليه ابن خالته (رئيس الحكومة في حزب الله) السيد هاشم صفي الدين، وهو يسوِّقه كما كان حافظ الاسد يسوِّق ابنه بشار للرئاسة، لكن مكانة نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم الذي تبادل حراسه التهنئة عام 1992، بعد اغتيال الامين العام السابق السيد عباس الموسوي، باعتباره سيكون خليفته.. مما استدعى مجيء موفد ايراني كبير وعلى عجل الى لبنان ليفرض السيد حسن نصر الله اميناً عاماً.. قائلاً بالحرف: الا هذا الدعوتي اشارة الى نعيم قاسم تعززت بالشرخ الذي لم تظهر تداعياته بعد بسبب الزلزال الايراني داخل الحزب، واستغلال تداعيات الزلزال الثاني.
وبعد،
فلننتظر الوثيقة التاريخية الجديدة.. بل فلننتظر تداعيات زلزال ايران اذا تم ضبط تداعيات زلزال عز الدين
ربما هو أطول مؤتمر حزبي يعقد في لبنان، ذاك الذي عقده حزب الله، واستمر خمسة اشهر، حسب بيانه الرسمي، لكنه ايضاً هو الأغرب بطريقة عقده وتواصله مما جعل الخيال يشطح لدى كثيرين ممن تبلغوا انعقاد مؤتمر الحزب طيلة هذه الفترة، بتصور طريقة اصطحاب اي زائر للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، التي تمر بإجراءات وتبديل سيارات وعصب أعين وصعود سلالم ثم مصاعد ونـزول اخرى حتى يفاجأ الزائر بالسيد نصرالله أمامه.. فكيف إذن يمكن للمؤتمر ان يعقد على دفعات وعلى مراحل وفي اماكن مختلفة حتى يتوافر وجود السيد نصرالله داخله.. حتماً حتى يوصله الى النتيجة المرسومة سلفاً.. وأهمها ابقاء القديم على قدمه.. على الأقل في موقع الأمين العام (للسيد نفسه) والقيادة الثانية منذ المؤتمر الاخير..
على ان الأهم بعد هذا الشكل المميز هو التحول الايجابي للحزب نحو المزيد من السياسة للتخفيف ولو شكلاً من العسكرة التي تفرضها واجبات المقاومة ضد العدو الصهيوني وقد حقق فيها انجازات تاريخية، وأهمها التحرير عام 2000.
والأهم بعد ذلك هو المزيد من اللبننة إذا صح التعبير، تناسقاً مع الوثيقة السياسية المنتظر اعلانها قريباً.. ربما في مؤتمر صحافي نوعي للسيد حسن نصرالله.
وثيقة الحزب الاولى عام 1985، شهدت في السياسة الداخلية وتحت رايات المقاومة ضد اسرائيل، تقديم اولوية المقاومة الاسلامية على الثورة الاسلامية، التي انطلق الحزب من رحمها عام 1982، او هو نفسه اعلنها في لبنان، والذي يعرف طبيعة نشأة الحزب، ومرجعيته الفقهية وعضوية علاقته مع مؤسسات ايرانية هي أمه ومرضعته ومربيته ومعلمته.. يدرك ان هذا التفضيل للمقاومة الاسلامية على الثورة الاسلامية اعتبر يومها نقلة نوعية في فكر وثقافة ومنهج الحزب، تماماً مثلما كان دخوله المعترك السياسي عبر الانتخابات النيابية لأول مرة عام 1992 نقلة نوعية اخرى في التحرك السياسي الميداني والشعبي لحزب كانت السرية وما زالت قدس اقداسه، حتى بدت في فترة من الفترات لاتقان ممارستها وطولها، انها الغاية وليست الوسيلة، وهو خلاصة العمل السري الايراني التاريخي المشهود له بالدقة والقسوة وسرعة الحسم مع اظهار العكس بالتهذيب والرقة لتحقيق الغاية.
وبطبيعة الحال اللبنانية، فتح العمل تحت رايات المقاومة الاسلامية بدل الثورة الاسلامية الابواب واسعة امام قبول الحزب في الوسط السياسي والشعبي والفكري والثقافي في لبنان حتى أمكن الجمع بين علمانية ضابط جيش مثل اميل لحود وبين تحرك الحزب الميداني.. مثلاً.. وغيره في لبنان.
واليوم ومن اجل تقبل الجمهور المسيحي الملتحق بميشال عون فكرة التحالف مع حزب الله، كان يجب ان تصدر وثيقة التحالف بين السيد نصرالله وعون في شباط/فبراير 2007 التي اعتبرها كثيرون تحولاً نوعياً آخر داخل فكر وحركة الحزب السياسية.. وكله من اجل لبنان او اللبننة – اي القبول به لبنانياً.
صحيح ان حزب الله جر ميشال عون الماروني الى الحضن الايراني سياسياً وميدانياً، لكن لبننة الحزب مع عون لن تكون من التاريخ وللتاريخ فقط.
لذا،
فإن وثيقة حزب الله السياسية الجديدة ستأخذ بعين الاعتبار المزيد من اللبننة خاصة وان اللبننة في نظر كثيرين لم تعد تعني ان الحزب يتنازل ويصبح لبنانياً عن فكره ومنهجه وثقافته.. بل ان اللبننة في حزب الله جاءت لتؤكد ان لبنان كله تتم أدلجته وفق ارادة ومنهج وسياسة وثقافة الحزب وعلاقاته الخارجية خاصة مع ايران.
وإذا كانت وثيقة الحزب السياسية الاولى عام 1985 حملت بصمات المراهقة الفكرية للمؤسسين الشبان في تلك الفترة وبعد ثلاثة اعوام من بدء المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، وفي خضم حرب العراق – ايران التي كانت فيها طهران تخوض معركة الوجود او العدم، وتحت عمائم الجيل الاول ممثلاً بالشيخ صبحي الطفيلي والسيد عباس الموسوي اول وثاني امين عام للحزب التـزما المدة الزمنية المتاحة في الرئاسة الاولى طوعاً والثاني قسراً بالاغتيال، فإن الوثيقة الجديدة ستحمل حتماً بصمات الامين العام السيد حسن نصرالله، وحيويته المتدفقة (قبل العزلة القسرية التي فرضتها احتياطات الامن للحماية من غدر العدو الصهيوني الباحث عنه للتخلص منه شخصياً) وتضحياته اللامتناهية، واستيعابه المذهل لمتطلبات والتـزامات المقاومة السرية ضد العدو الشرس والقادر، واثبات الوجود الحاسم والفعال سياسياً وشعبياً وسط نضوج الحركة التي جعلت الحزب صاحب الكلمة العليا والأولى في كل لبنان في كل شأن من شؤون السياسة.. على الأقل.
صدرت وثيقة العام 1985 بعد بدء الحزب مقاومته بثلاث سنوات، والوثيقة الجديدة عام 2009 ستصدر بعد مرور اقل من عشر سنوات من التحرير.
صدرت وثيقة عام 1985 وايران في معركة دفاع عن الوجود، بينما تصدر وثيقة 2009 وايران شاغلة العالم، داهمة الوجود العربي كله من العراق الى اليمن فالسعودية فلبنان ففلسطين وسوريا و....
الزلزالان
تصدر وثيقة الحزب السياسية وقد دهم الحزب امران بالغا الأهمية في رسم مسار جديد او قسري للحزب، دونهما كان المسار سيكون مختلفاً الى حد بعيد.
الأمر الأول هو الزلزال الايراني الذي تفجر اثر بدء انتفاضة الشعب الايراني ضد بعض السلطة الحاكمة في ايران (الثنائي خامنئي – نجاد) تحت أسنّة رماح الحرس الثوري الايراني وقمعه لها، بعد تـزوير نتائج الانتخابات الرئاسية يوم 12/6/2009 (راقبوا الإعلان في تشرين الثاني/نوفمبر عن مؤتمر تم عقده خلال خمسة اشهر اي بدءاً من شهر حزيران/يوليو.. اي بعد عدة ايام من انتهاء الانتخابات النيابية اللبنانية يوم 7/6/2009، وبدء الانتخابات الرئاسية الايرانية يوم 12/6/2009).
وإذا كانت نتائج الانتخابات النيابية التي فازت فيها قوى 14 آذار/مارس بالاغلبية النيابية، صدمت جمهور الحزب الموعود بالسلطة والحكم المباشر قبلها، فإن ما حصل في ايران وما زال، طرح ويطرح وسيطرح الاسئلة التي بدت اول الامر مكبوتة في النفوس، ثم سيجري تظهيرها بطرق مختلفة داخل الحزب حول اخلاقية التعامل مع الواقع الايراني الجديد، من منطلق محاسبة النفس او العقل او العاطفة: كيف سيتم التعامل مع اعلان السلطة الحاكمة في ايران وهي مرجعية الحزب في كل أمر من أمور الحياة والآخرة، ان رجلاً مثل الرئيس السابق السيد محمد خاتمي هو عدو الله ورسوله ومفسد في الارض، وهو الذي كانت قيادات حزب الله تتسابق للجلوس أمامه والتبرك بعباءته والتقاط صورة معه.
كيف لحزب الله الذي كان يجهر بولائه للرئيس السابق الشيخ هاشمي رفسنجاني، وبأنه صاحب الفضل في تأسيس الحزب، وأشعل وجوده في لبنان عام 1980 الصدور حماساً للإنخراط في صفوف الحالة الاسلامية التي أيقظتها ايران في الاوساط الشيعية المتنافرة يومها.. ان يوافق السلطات الحاكمة بمحاكمة هذا الرجل وهو صاحب الفضل في مجيء السيد علي خامنئي الى موقع المرشد وهو الذي جهر السيد نصرالله بالولاء له افتخاراً وعزّة. واسئلة اخرى لن تهدأ بل وتهدد بتفاعلات لا حدود لها مع استمرار انتفاضة الشعب الايراني التي انفجرت لتصل الى مكان ما.. وما كانت لتخبو فيه دون رسم واقع سياسي جديد في ايران.
صحيح ان توجه الحزب الرسمي والعملي هو مع الثنائي خامنئي – نجاد وتحت اوامر الحرس الثوري الايراني، لكن حزب الله لن ينسى ابداً شعارات رفعت خلال الانتفاضة وما زالت لا للبنان ولا لغزة.. بل لإيران دائماً.. فالخطر عليه لن يظل حكراً على اسرائيل بعد هذا الزلزال.
الأمر الثاني هو زلزال انهيار امبراطورية صلاح عزالدين المالية، الذي فاجأ الحزب وهو لما يفق من آثار زلزال ايران.. فشكّل الإنهيار المالي زلزالاً آخر داخل الحزب اتخذ طابع الخسارة المالية والانكشاف الاخلاقي امام الرأي العام الشيعي في الوسطين الاساسيين: المودعين صغارهم وكبارهم، والجمهور المراقب الذي لم يبخل على الحزب بالدعم المتصاعد طيلة ربع قرن وأكثر.. ثم يبدأ الانحسار الذي يحاول امينه العام ضبطه ومنع الانهيار على الاقل في السمعة والقداسة التي حفرها الجمهور للحزب وقياداته وسلوكياته بعد مقاومته وانتصاراته في صدوره وعواطفه وممارساته خلفه اياً يكن المصير والمسار.
كثيرون يقولون لو ان السيد نصر الله كان حر التحرك الميداني لعمد الى ضبط الامور قبل تفاقمها، ويقولون ايضاً لو ان هذا الزلزال كشف قبل الانتخابات النيابية لكان للسيد قرارات اخرى بشأن بعض المرشحين لمقاعدها، ويقولون ايضاً ان السيد نصر الله، كان سيكون له رأي آخر في الترتيبات الامنية والتنظيمية داخل الحزب.
ثم يقولون ان توازنات التركيبة الحزبية المتعددة الولاءات العقائدية (حزب الدعوة مثالاً) فرضت بقاء القيادة السياسية ومجلس شورى الحزب كما كان سابقاً، لكن هذه التوازنات لن تستطيع كف يد السيد عن تغييرات جذرية يفرضها في صفوف القيادات من الصف الثاني والثالث.. بسبب زلزال عز الدين.
على ان الاهم،
ان توازنات القيادة السياسية الاولى في الحزب قد تشهد اهتزازاً لغير مصلحة السيد نصر الله بسبب الوضع الناشىء في العراق واحتمال استمرار حزب الدعوة حاكماً هناك بواسطة رئيس الوزراء نوري المالكي.. وسبب التداعيات المستمرة للزلزال الايراني.. لغير مصلحة الحزب.
نعم،
هو اليوم رجل المرحلة الذي لا منازع له، وهو كرس استمراره السياسي والشخصي في القيادة من خلال اقرب الناس اليه ابن خالته (رئيس الحكومة في حزب الله) السيد هاشم صفي الدين، وهو يسوِّقه كما كان حافظ الاسد يسوِّق ابنه بشار للرئاسة، لكن مكانة نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم الذي تبادل حراسه التهنئة عام 1992، بعد اغتيال الامين العام السابق السيد عباس الموسوي، باعتباره سيكون خليفته.. مما استدعى مجيء موفد ايراني كبير وعلى عجل الى لبنان ليفرض السيد حسن نصر الله اميناً عاماً.. قائلاً بالحرف: الا هذا الدعوتي اشارة الى نعيم قاسم تعززت بالشرخ الذي لم تظهر تداعياته بعد بسبب الزلزال الايراني داخل الحزب، واستغلال تداعيات الزلزال الثاني.
وبعد،
فلننتظر الوثيقة التاريخية الجديدة.. بل فلننتظر تداعيات زلزال ايران اذا تم ضبط تداعيات زلزال عز الدين